إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
47743 مشاهدة
النداء بالحج

أمر الله نبيه إبراهيم -عليه السلام- أن ينادي بالحج في قوله -تعالى- وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ (سورة الحج، الآية : 27) ثم إنه -كما في بعض الآثار- صعد على جبل أبي قبيس فنادى: يا أيها الناس، إن الله فرض عليكم الحج فحجوا، فسمعه من في أصلاب الرجال، وأرحام النساء، أي: سماع قبول، وإن لم يسمعوا الصوت كما هو، أي: أُلهموه، وقُذِفَ في قلوبهم، وعرفوا حكمه.
فإذا جاء الحج، وقرب موسمه، فإن المؤمنين الذين وقرَ الإيمان في قلوبهم؛ تجدهم في أطراف البلاد وأقاصي الأرض تحن قلوبهم، ويتمنون أن يتيسر لهم الحج، فمن تيسر له أتى إليه، رغم ما يجد من المشقة والصعوبات، ومن لم يتيسر له غَبَط الذين أدوا هذا النسك، وعرف فضلهم، وما حازوه من الحسنات.
وقد جعل الله الأفئدة تحنُّ إلى تلك المشاعر؛ استجابة لدعوة إبراهيم -عليه السلام- في قول الله -تعالى- فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ (سورة إبراهيم، الآية: 37) ولم يقل: أفئدة الناس؛ يعني: أفئدتهم كلهم، بل قال: أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ ؛ يعني بعضا منهم، فالذين يحجون كل عام قسم قليل من المؤمنين في أطراف البلاد.